وتثير هذه التطورات تساؤلات حول الأهداف إسرائيل وخططه المستقبلية الفراغ الأمني والسياسي.
التوسع الإسرائيلي
صرحت المذيعة الإسرائيلية وسيطرت قوات وحدة “يوم الدرع” على… منطقة جبل الشيخ السورية دون أي مقاومة. وفي خطوة لافتة للنظر، قرر مجلس الوزراء الإسرائيلي احتلال هذه المنطقة وإنشاء منطقة عازلة تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي على الحدود مع سوريا.
أصدر أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي تحذيراً عاجلاً لسكان جنوب سوريا، داعياً سكان البلدات والمدن التالية إلى البقاء في منازلهم: أوفانيا والقنيطرة والحميدية والصمدانية الغربية وآل -القحطانية.
وأشار أدرعي إلى أن القتال الدائر في المنطقة “يجبر الجيش الإسرائيلي على التحرك”، وأكد أن الجيش “ليس لديه أي نية لإيذاء السكان المدنيين”.
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سقوط الأسد بأنه “يوم تاريخي”، وأكد أن “إسرائيل لن تسمح لأي قوة معادية بتثبيت نفسها على حدودها”.
ورافق هذا التصريح إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس عن نشر قوات إضافية في المنطقة العازلة لضمان حماية المستوطنات في هضبة الجولان.
ورغم إعلان إسرائيل أن هذا الوجود مؤقت، إلا أن نضال كنانة، محرر الشؤون الإسرائيلية في سكاي نيوز عربية، أشار إلى أن “إسرائيل لديها تاريخ في تحويل الخطوات المؤقتة إلى خطوات دائمة”.
وتمثل السيطرة على منطقة جبل الشيخ “إنجازا استراتيجيا مجانيا” لإسرائيل، خاصة أنها منطقة شهدت معارك دامية في حروب سابقة بين سوريا وإسرائيل.
أهداف إسرائيل في سوريا: الأمن أم التوسع؟
وتبرر إسرائيل تحركاتها الأخيرة بالقول إن هدفها هو حماية المستوطنات في الجولان ومنع الجماعات المسلحة من التسلل إلى أراضيها. لكن التطورات تشير إلى أن الخطوات الإسرائيلية تتجاوز الدفاع إلى زيادة نفوذها الإقليمي.
وتبلغ مساحة المنطقة العازلة التي تسيطر عليها إسرائيل حوالي 235 كيلومترا مربعا، أي ما يعادل حوالي 60% من مساحة قطاع غزة.
وقد تحققت هذه السيطرة الموسعة دون أي مقاومة كبيرة، مما دفع نتنياهو إلى التفاخر سياسياً بأن إسرائيل استحوذت على هذه الأراضي دون إطلاق رصاصة واحدة.
لكن المحلل كناعنة حذر من أن إسرائيل لن تلتزم بحدود المنطقة العازلة فحسب، بل يمكنها توسيع سيطرتها إلى مناطق أعمق داخل الأراضي السورية إذا رأت مخاوف أمنية في المناطق المجاورة.
فرصة لإسرائيل أم خطر على المنطقة؟
ومهد انسحاب الجيش السوري من منطقة جبل الشيخ الطريق أمام إسرائيل للتوسع بشكل سريع مستفيدة من الفلتان الأمني الذي تشهده البلاد. حذر جيش الاحتلال الإسرائيلي سكان خمس بلدات جنوب سوريا من مغادرة منازلهم، مما يعكس سيطرة إسرائيل الكاملة على المنطقة الحدودية.
لكن كنعنة لفت إلى أن “تهديد الفصائل المسلحة في هذه المناطق يبدو مبالغا فيه”، إذ لا توجد أي مواجهات عسكرية حقيقية أو تهديدات مباشرة تبرر هذه الخطوة. ويبدو أن القرار الإسرائيلي باحتلال جبل الشيخ قد تم اتخاذه مسبقاً ضمن خطة استراتيجية لضمان تفوق إسرائيل في الساحة السورية.
ويثير التوسع الإسرائيلي في سوريا مخاوف كثيرة لدى دول الجوار، خاصة الأردن ولبنان. إن الوجود الإسرائيلي الموسع على الحدود السورية قد يعيد تشكيل الخريطة الأمنية والسياسية في المنطقة.
علاوة على ذلك، يعكس هذا التوسع رغبة إسرائيل في استغلال اللحظة التاريخية التي أعقبت سقوط الأسد لزيادة نفوذها الإقليمي.
مع سقوط نظام الأسد، أصبح مستقبل سوريا غير مؤكد حيث أصبحت هيئة تحرير الشام، المرتبطة بتنظيم القاعدة، واحدة من اللاعبين الرئيسيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وهو الوضع الذي يثير المخاوف في إسرائيل. والدول الغربية حول إمكانية أن تصبح سوريا مركزاً للجماعات المتطرفة.
لكن كناعنة أشار إلى أن إسرائيل ترى في هذه الفوضى فرصة لتعزيز أمنها من خلال السيطرة على مناطق استراتيجية مثل جبل الشيخ والمناطق الحدودية في الجولان.
وفي ظل الفراغ الأمني والسياسي الذي تشهده سوريا، تواجه المنطقة تحديات كبيرة قد تؤدي إلى صراعات جديدة أو ترتيبات سياسية غير مسبوقة.
وبحسب كناعنة، فإن “السؤال الأساسي يبقى: هل ستتوقف إسرائيل عند حدود المنطقة العازلة، أم أنها تنوي توسيع سيطرتها مستغلة حالة الفوضى”.