براتب أقل… مودريتش سيخوض عاماً إضافياً مع الريال

دوري الأبطال ينحاز للريال… وأنشيلوتي يتفوق على جميع أقرانه أوروبياً

على ما يبدو أن بطولة دوري أبطال أوروبا تنحاز لريال مدريد حتى إذا لم يكن الفريق الملكي الإسباني في أفضل حالاته، وهو الأمر الذي تجلى في تتويجه باللقب الخامس عشر بانتصاره على بروسيا دورتموند الألماني بهدفين متأخرين في لقاء كان بإمكان الأخير تسجيل 3 أهداف محققة بالشوط الأول للمباراة النهائية على «ملعب ويمبلي» بالعاصمة لندن.

إذا كان ريال مدريد قد عزز رقمه القياسي في الفوز باللقب، فإن مدربه الإيطالي كارلو أنشيلوتي بات يتصدر قائمة أفضل المدربين في تاريخ دوري الأبطال بحصوله على 5 ألقاب، بواقع لقبين مع ميلان في 2003 و2007، و3 مع ريال في 2014 و2022 و2024.

وبات أنشيلوتي يتقدم بلقبين على أقرب منافسيه في هذه القائمة، بوب بيزلي مع ليفربول (1977 و1978 و1981) وزين الدين زيدان مع ريال (2016 و2017 و2018)، وجوسيب غوارديولا (2009 و2011 مع برشلونة، و2023 مع مانشستر سيتي).

لقد ابتسم الحظ لأنشيلوتي مجدداً ليفوز الريال باللقب للمرة السادسة خلال 11 موسماً، ويؤكد أن هذه البطولة تحبه حتى ولو تفوق المنافس.

في أجواء صاخبة في «استاد ويمبلي» أظهر دورتموند المثير للإعجاب تفوقه منذ البداية ليدحض التكهنات التي كانت تعده الطرف الأضعف، وأهدر 3 فرص حقيقية، اثنتان من كريم أديمي من انفراد بالمرمى، وتسديدة من نيكلاس فولكروغ اصطدمت بالقائم، بينما لم يتعرض حارس مرماه غريجور كوبل لأي هجمة واضحة في الدقائق 45 الأولى من المباراة.

وعندما أهدر فولكروغ فرصة أخرى بعد مرور ساعة بدا أن الحظ سيحالف الريال وأنشيلوتي مجدداً، وهو ما تحقق في الدقائق الأخيرة، ليتأكد أن المدرب الإيطالي البالغ من العمر 64 عاماً، يعرف أكثر من أي شخص آخر كيف تنتهي القصة في تلك الليالي الحاسمة.

لقد امتص ريال مدريد الضغط واستعاد توازنه تدريجياً، وأحرز الظهير الأيمن المخضرم داني كاربخال هدفاً بعد ركلة ركنية نفذها الألماني توني كروس في الدقيقة 74، ثم حسم اللقاء عندما انطلق البرازيلي فينيسيوس جونيور ليخطف كرة ويسجل الهدف الثاني.

وتحديد كيفية قيام ريال مدريد بكتابة الفصل الأخير في مسيرته الحافلة هو أمر محير، في حين أن أفضل تفسير هو أن هذا هو بالضبط ما يفعله هذا النادي. هل انتصر في المعركة الخططية؟ لا. هل فرض بطل إسبانيا تفوقه المتوقع على الفريق الذي احتل المركز الخامس في الدوري الألماني؟ دقائق قليلة بالكاد.

هل أزعج البرازيلي فينيسيوس الظهير الأيمن لدورتموند النرويجي جوليان رايرسون أو قلب الدفاع المخضرم ماتس هاملز؟ ربما لفترات قليلة.

هل تألق الإنجليزي جود بيلينغهام في أول نهائي يخوضه في دوري أبطال أوروبا؟ ليس تماماً. في الواقع، خاض لاعب خط وسط دورتموند السابق (20 عاماً) إحدى أقل مبارياته فاعلية في موسمه الأول المذهل في ملعب «سانتياغو برنابيو».

خلاصة القول، ورغم كل ما حدث، فإن ريال مدريد انتصر في نهائي أوروبي للمرة 11 على التوالي، إذ كانت آخر هزيمة تعرض لها قبل 41 عاماً وكانت في مواجهة أبردين الأسكوتلندي في كأس أبطال الكؤوس الأوروبية.

وقال أنشيلوتي: «كانت المباراة صعبة. لم يعجبني مستوى أدائنا. عانينا في الشوط الأول، وفقدنا الكرة بشكل أقل وقدمنا أداء أفضل في الشوط الثاني، لكن هذه كلها تفاصيل تافهة الآن. فزنا. الحلم مستمر».

أنشيلوتي تصدر قائمة أفضل المدربين في تاريخ دوري الأبطال بخمسة ألقاب (د.ب.أ)

وبينما يتبدل اللاعبون في هذه القلعة الكروية، فإن ما لا يتغير أبداً بالنسبة لهذا الجيل من اللاعبين هو براعتهم في تحقيق الإنجازات في المواجهات المهمة.

لا يؤمن أنشيلوتي بفكرة الحظ، وصرح المدرب الذي سبق له الفوز بالكأس أيضاً لاعباً مرتين: «هناك شيء خاص في نادي ريال مدريد، ربما يكون التاريخ أو التقاليد أو النوعية، أو الكثير من كل هذه الأشياء، لا يمكن أن يكون هذا الانتصار مجرد صدفة».

وافتقر ريال مدريد إلى طريقة واضحة في الأداء خلال الشوط الأول مقارنة بدورتموند الذي فعل كل شيء بشكل صحيح باستثناء وضع الكرة في الشباك.

ولكن ومثل مدربهم المخضرم الموجود على خط التماس تماماً عرف لاعبو مدريد أصحاب الخبرة المتوجون بلقب الدوري الإسباني أن كل ما يتعين عليهم فعله هو التزام الهدوء وانتظار الوقت المناسب وسيكرر التاريخ نفسه. ولخص هوملز مدافع دورتموند، الذي عانى من الحزن بسبب خسارة نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الثانية، الأمر بقوله: «لعبنا بشجاعة واستبسال لكننا فشلنا في التسجيل. ثم ارتكبنا أخطاء صغيرة وسجل الريال. يقومون بالأمر بهذه الطريقة منذ ما يبدو 100 عام».

وبهذا التتويج رفع كل من توني كروس والكرواتي لوكا مودريتش وناتشو وداني كاربخال رصيدهم إلى 6 ألقاب في دوري الأبطال، ليتقاسموا الرقم القياسي مع باكو خينتو لاعب الريال السابق. ويملك مودريتش وكاربخال الفرصة لتعزيز الرقم، بينما خاض كروس مباراته الأخيرة مع النادي قبل الاعتزال هذا الصيف، ومن المنتظر رحيل المدافع ناتشو بعد انتهاء عقده.

وكان كروس قد حقق لقبه الأول في دوري الأبطال بقميص بايرن ميونيخ بـ«استاد ويمبلي» أيضاً وضد دورتموند بالذات في 2013، وبعد 11 عاماً عاد اللاعب الألماني ليعانق الكأس الأغلى في القارة في مباراته الأخيرة مع ريال مدريد.

وقصة الموسم التي أنهاها النادي الملكي في «ملعب ويمبلي» اللندني الشهير ترتبط بجيلين من اللاعبين الذين التقوا واتحدوا كمجموعة وتناغموا على أرض الملعب وكأنهم ماكينة تعمل بكل سلاسة ليشكلوا الحقبة العظيمة الثانية التي أمضى ريال مدريد نصف قرن في البحث عنها. الرحلة انطلقت مع بدايات البطولة عندما توج فريق العاصمة الإسبانية خلال حقبة الراحل ألفريدو دي ستيفانو بطلاً لكأس أوروبا في أول 5 نسخ من 1956 وبلقب آخر في 1966. وعادلت التشكيلة المكونة من مجموعة من اللاعبين الشبان وعدد من اللاعبين المخضرمين أصحاب الخبرة هذا الإنجاز بالتتويج بسادس لقب في 11 موسماً رغم أن داني كاربخال الذي أحرز هدف التقدم أمام دورتموند هو اللاعب المتبقي الوحيد من التشكيلة التي تُوجت باللقب العاشر قبل عقد من الزمن.

وأصبح فينيسيوس جونيور، بطل اللقب 14 في باريس قبل عامين، أول برازيلي يسجل في مباراتين نهائيتين بدوري أبطال أوروبا، وهو رمز للمواهب الشابة في ريال مدريد الذين يواصلون إثبات قدرتهم على مواصلة نجاح النادي. وقال كاربخال: «لماذا لا أفكر في اللقب السابع؟ نحن لا نتوقف، نريد دائماً تحقيق المزيد والمزيد والمزيد».

وجلس المدافع الإسباني احتياطياً لفترة طويلة وعاد إلى التشكيلة الأساسية هذا الموسم وأنهاه برفع الكأس باعتباره قائداً للفريق، وعلق: «لم أخسر نهائياً قط. أتمنى أن تستمر هذه المسيرة. تحقيق اللقب 15 في تاريخ النادي والسادس في مسيرتي هو أمر رائع. مع استمرارنا في الفوز… ينتهي بنا الأمر إلى جعل الأمر أكثر صعوبة على أي فريق آخر يريد أن يقترب مما حققه هذا النادي على مدار التاريخ. إنه شيء رائع».

وبينما أشادت الصحف الإسبانية بريال مدريد بعنوانين مثل: «آلة الفوز» التي لا تشبع و«الخالدون» بصحيفتي «آس» و «إل موندو». تركز الحديث عن قدرة الريال في الصمود بفضل نفسه الطويل في مواجهة دورتموند الذي كان متفوقاً في الشوط الأول.

وقالت صحيفة «إل بايس»: «ريال مدريد يوسع أسطورته بلقبه الـ15 في دوري أبطال أوروبا». أما «موندو ديبورتيفو» الكاتالونية التي سئمت من إنجازات ريال مدريد فاكتفت بعنوان «مرة أخرى».

في المقابل كانت خيبة الأمل هي العنوان الرئيسي لكل رجال دورتموند وجماهيره. وأبدى سيباستيان كيهل، المدير الرياضي لدورتموند، خيبة أمله للفرص العديدة السهلة التي أهدرها لاعبو فريقه في «مباراة شبه مثالية» خاضوها، ليخفق الفريق في التتويج باللقب القاري الذي سبق أن فاز به عام 1997.

وقال كيهل «لقد كانت المباراة شبه مثالية في الشوط الأول. كان من الممكن أن تكون مثالية لو استفدنا من واحدة على الأقل من الفرص العديدة التي أتيحت لنا لهز الشباك».

بينما أعرب المدرب إدين تيرزيتش عن أسفه لخسارة فريقه مؤكداً أن لاعبيه كانوا يستحقون ما هو أفضل من الخسارة. وقال: «منذ الثانية الأولى، أظهرنا للعالم كله أننا لسنا الطرف الأضعف، فعلنا الكثير من الأشياء بشكل صحيح، لكن لاعبي الريال اتسموا بالهدوء في اللحظة المناسبة، وهو ما افتقرنا إليه».

من جانبه، صرح جوليان براندت، لاعب دورتموند: «كان من الممكن أن ننهي الأمور لمصلحتنا في الشوط الأول. إذا تمكنت من خلق فرصتين أو ثلاث للتسجيل، فكان يتعين عليك إحراز هدف على الأقل من خلالها».

ظهرت في الأصل على aawsat.com

Leave a Comment