استهدفت إسرائيل زعيم حزب الله هاشم صفي الدين، ابن عم حسن نصر الله، في هجوم عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت صباح الجمعة. ويضاف ذلك إلى سلسلة الهجمات التي استهدفت قيادة الحزب وكشف عن تصاعد التوترات في المنطقة.
إيلاف من بيروتشنت الطائرات الحربية الإسرائيلية، في الساعات الأولى من صباح الجمعة، هجمات مكثفة على الضاحية الجنوبية لبيروت، مستهدفة هاشم صفي الدين، القيادي البارز في حزب الله اللبناني وابن عم الأمين العام السابق للحزب حسن نصر الله، الذي قُتل مؤخراً.
وتعتبر هذه العملية جزءا من سلسلة هجمات لاحقة تعكس تركيز إسرائيل على مهاجمة قيادة حزب الله ومهاجمة النفوذ الإيراني في المنطقة.
تفاصيل الغارات الإسرائيلية وأهدافها
وذكرت القناة 14 الإسرائيلية وموقع “أكسيوس” الأمريكي أن غارة يوم الجمعة استهدفت بشكل مباشر هاشم صفي الدين، الذي يوصف بأنه الخليفة المحتمل لنصر الله.
وأفادت مصادر عسكرية إسرائيلية أن الهجمات لم تكن منتظمة، بل شملت إسقاط قنابل موجهة، بعضها اخترقت المخابئ المحصنة، مما يعكس المستوى المتقدم للتحضير للعملية.
وبحسب مصادر إعلامية، فإن الضربات أحدثت دماراً واسعاً، حيث سُمع دوي انفجارات في مناطق واسعة من بيروت وضواحيها. إلى ذلك، فرضت إسرائيل سيطرة جوية مشددة على المنطقة المستهدفة، وحذرت المدنيين من الاقتراب من موقع القصف، وهددت الدفاع المدني اللبناني بعدم إرسال فرق إنقاذ، في مشهد يعيد إلى الأذهان سيناريوهات الهجمات المكثفة. الذي استهدف نصر الله سابقًا.
من هو هاشم صفي الدين؟
وبرز اسم هاشم صفي الدين في السنوات الأخيرة كأحد أهم الشخصيات القيادية في حزب الله، نظرا لعلاقاته العائلية والسياسية بحسن نصر الله، وخلفيته العسكرية والإدارية الواسعة. من هو هاشم صفي الدين؟
ولد صفي الدين في مدينة دير قانون النهر في جنوب لبنان، ودرس العلوم الدينية في مدينة قم الإيرانية، مما منحه رؤية عميقة في الفكر الديني والطائفي الشيعي للحزب.
ومنذ عودته إلى لبنان، شغل مناصب قيادية مختلفة داخل حزب الله، حيث تولى رئاسة المجلس التنفيذي للحزب عام 1994. وأصبح مسؤولاً عن إدارة شؤون الحزب اليومية وتنظيم استثماراته، فضلاً عن الإشراف على العمليات الداخلية وتوجيه الحزب. المؤسسات التابعة .
دور صفي الدين في الهيكلية الحزبية
بصفته رئيساً للمجلس التنفيذي، يعتبر صفي الدين رئيساً مصغراً للوزراء داخل الحزب، ويشرف على المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية وحتى الإعلامية، بما في ذلك إدارة القنوات التلفزيونية والإذاعية والمراكز الصحية والمدارس.
ويتمتع حزب الله بمنظومة مؤسسات خدمية تعتمد عليها المناطق الشيعية بشكل رئيسي، مما يعزز نفوذ الحزب ويزيد من انخراطه في المجتمع اللبناني.
ويشرف صفي الدين أيضاً على “مجلس الجهاد”، الهيئة التي تدير العمليات العسكرية للحزب. وهذا يعكس ثقله داخل البنية العسكرية للحزب ووجوده في خط النار في القرارات الاستراتيجية.
علاقة صفي الدين بإيران وقاسم سليماني
وبالإضافة إلى روابطه العائلية بنصر الله، يتمتع صفي الدين بعلاقات قوية مع إيران وهو صهر قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. وهذا الارتباط يضعه في قلب التحالف الإيراني اللبناني، حيث تشير التقارير إلى أنه كان حلقة وصل مهمة بين حزب الله وطهران، خاصة خلال مرحلة التوسع العسكري للحزب في سوريا.
ويصف المراقبون دور صفي الدين كوسيط بين سليماني ونصر الله، مما منحه نفوذا إضافيا داخل حزب الله وساعد في تعزيز العلاقات بين الحزب والقيادة الإيرانية، خاصة بعد اغتيال سليماني.
استثمارات الحزب ودوره في تسوية ديونه المالية
وإلى جانب دوره العسكري والسياسي، يعتبر صفي الدين من المسؤولين عن الإشراف على استثمارات الحزب المالية التي تقدر بمليارات الدولارات وتمتد إلى قطاعات مختلفة داخل لبنان وخارجه.
وتساهم هذه الاستثمارات في تحقيق الحزب استقلالاً مالياً بعيداً عن الدعم الإيراني المباشر، مما يسمح له بمواصلة نشاطه وتوسيع نفوذه دون قيود مالية مباشرة.
ويتم إدارة بعض هذه الاستثمارات من خلال شبكات معقدة تمتد إلى دول عربية وإفريقية وأوروبية، مما يزيد من تعقيد المواجهة بين الحزب وإسرائيل التي تسعى بدورها إلى تعطيل هذه الشبكات بشتى الطرق.
وصنفت وزارة الخارجية الأمريكية صفي الدين إرهابيا في عام 2017، مما يعني فرض قيود مالية صارمة عليه وعلى مصالحه.
تداعيات الهجوم الإسرائيلي على الوضع اللبناني
وتعتبر الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على الضاحية الجنوبية من أعنف العمليات منذ سنوات، مما يعكس تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله. وبحسب التقارير، قُتل ما لا يقل عن 37 شخصاً وأصيب 151 آخرون نتيجة الغارات الجوية المكثفة على مواقع الحفلات في بيروت والمناطق الجنوبية الأخرى، مما أدى إلى دمار واسع النطاق وتشريد العديد من المدنيين.
في المقابل، تواصل إسرائيل إطلاق التحذيرات والتهديدات، حيث دعا المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي سكان المناطق المحيطة بمواقع حزب الله إلى الإخلاء الفوري لتجنب الأضرار، وهدد بتصعيد العمليات في حال عدم الامتثال.
مستقبل حزب الله بعد نصر الله
بعد اغتيال نصر الله، يواجه حزب الله تحديات غير مسبوقة، حيث يركز النقاش الآن على من سيخلف نصر الله ويكون قادراً على تحمل مسؤولياته الهائلة. يتم طرح اسم صفي الدين كمرشح قوي، لكنه قد يواجه صعوبات في الحصول على نفس المستوى من الشرعية والدعم الذي يتمتع به نصر الله.
ويرى بعض المحللين أن صفي الدين، رغم قوته واتصالاته، قد يجد صعوبة في ملء الفراغ الذي تركه نصر الله، خاصة في ظل التحديات العسكرية والسياسية الحالية.